مكافحة تهريب البشر.. تحقيقات ليبية بعد ضبط 59 حاوية محملة بقوارب هجرة

مكافحة تهريب البشر.. تحقيقات ليبية بعد ضبط 59 حاوية محملة بقوارب هجرة
قوارب الهجرة غير الشرعية

فتحت النيابة العامة في ليبيا تحقيقا موسعا في واحدة من أكبر قضايا تهريب المهاجرين خلال الأعوام الأخيرة، بعد تمكن الأجهزة المختصة من ضبط شحنة بحرية ضخمة تضم عشرات القوارب المخصصة للتهريب، في عملية تشي بحجم الشبكات المنظمة التي تنشط على السواحل الغربية للبلاد، وتحوّل ليبيا إلى أحد أهم الممرات التي تستغلها عصابات التهريب للوصول إلى أوروبا.

مصادر قضائية أكدت -وفق ما ذكرت شبكة "ليبيا 24" الإخبارية اليوم الاثنين- أن القضية بدأت بعد تلقي إدارة المهام الخاصة معلومات دقيقة حول نشاط مشبوه مرتبط باستيراد قوارب غير مخصصة للأغراض التجارية المعتادة، وأشارت المعلومات إلى وجود تشكيل عصابي يستخدم طرقاً ملتوية لإدخال هذه القوارب إلى البلاد، تمهيداً لنقلها إلى سواحل القره بوللي وزوارة والزاوية، ومن ثم استخدامها في الهجرة الغير شرعية باتجاه دول جنوب أوروبا.

الاشتباك الميداني

بناء على هذه المعلومات، باشرت النيابة العامة إشرافها المباشر على عملية تفتيش موسعة داخل ميناء مصراتة، بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة، وأسفرت العملية عن ضبط تسع وخمسين حاوية شحن بحري، عُثر داخلها على عدد كبير من القوارب الجاهزة للاستخدام، وهي كمية اعتبرها المحققون مؤشرا واضحا على وجود تنظيم واسع يعمل بدقة وتمويل كبير.

مصدر أمني مشارك في العملية أوضح أن الشحنة لم تكن لتصل إلى الميناء بهذا الحجم دون غطاء تجاري مزيف، مشيرا إلى أن الشبكة اعتمدت على استغلال حركة الاستيراد اليومية لإخفاء نشاطها، الأمر الذي يعكس مستوى الاحتراف في إدارة عمليات التهريب.

اعترافات تكشف حجم الشبكة

أُلقي القبض على اثنين من أعضاء التشكيل العصابي خلال العملية، وقدما اعترافات موسعة أكدا فيها مسؤوليتهما عن استيراد نحو مائتي قارب منذ العام 2023، جرى استخدامها في نقل المهاجرين بطريقة غير قانونية باتجاه الشواطئ الأوروبية، وتشير هذه الإفادات إلى أن الشبكة ليست مجرد مجموعة صغيرة، بل نشاط يمتد على مدار سنوات وبإمكانيات ضخمة، مستغلة هشاشة الرقابة في بعض المناطق الساحلية وحاجة المهاجرين للوصول إلى أوروبا بأي وسيلة.

وقد قررت النيابة العامة إيداع المتهمين الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق، بالتزامن مع إصدار أوامر قبض بحق بقية المتورطين، في محاولة لتفكيك كامل الخلايا المرتبطة بهذه الشبكة.

تداعيات أمنية وإنسانية

تكشف القضية عن مستوى بالغ من الخطورة، ليس فقط على الأمن الوطني الليبي، بل على حياة آلاف المهاجرين الذين يصبحون في قبضة شبكات تستغل ظروفهم المأساوية لتحقيق أرباح ضخمة. وتشير تقارير دولية إلى أن نسبة كبيرة من القوارب التي تستخدم في هذه الرحلات تكون غير مجهزة، ما يؤدي إلى مآسٍ متكررة وغرق مئات المهاجرين سنويا في مياه المتوسط.

كما يرى خبراء أن استمرار نشاط التهريب بهذا الحجم يعني أن ليبيا ما زالت تواجه تحدياً مزدوجاً يتعلق بغياب الاستقرار السياسي وتراجع القدرة الرقابية على السواحل الممتدة لمسافة تزيد على ألفي كيلومتر.

تحولت ليبيا، بعد أحداث عام 2011، إلى نقطة عبور رئيسية للمهاجرين من منطقة الساحل الإفريقي ومن القرن الإفريقي باتجاه أوروبا، ووفق تقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يحاول عشرات الآلاف سنوياً عبور البحر عبر قوارب غير آمنة، ما يجعل طريق المتوسط أحد أخطر طرق الهجرة في العالم، وتشير بيانات المنظمة الدولية للهجرة إلى أن مئات المهاجرين يفقدون حياتهم سنويا بسبب الغرق أو الاختناق أو غياب وسائل السلامة اللازمة في القوارب التي تستخدمها شبكات التهريب.

وتؤكد تقارير أممية أن معظم شبكات التهريب تعتمد على منظومة مالية واقتصادية متشابكة، تمتد من المهربين المحليين مروراً بتجار في دول المنشأ وصولاً إلى شبكات تنسيق في أوروبا. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية